بقلم: ميرزا شوقي فوتاقي

في ليلة الأحد بعد صلاة المغرب قرأت الكتاب ألفه السيد محمد الموسوي الشيرازي تحت العنوان “الفرقة الناجية”. بحث الكتاب في حديث افتراق المسلمين وأسباب افتراقهم وما يتصل بذلك من مواضيع مهمة جدا. أظن هذا الكتاب كتابا علميا استطيع أن انتفع به ولكن بعد أن قرأت بعض الكتاب لاأجد إلا فتنة.

ذكر محمد الموسوي الشيرازي أن أبا جعفر المنصور شعر أن هذا الوضع، توسع قاعدة الإمام الصادق والتفاف الناس حوله، يهدد سلطته بإعتباره خلافة حيث أوعز أبا حنيفة ومالك أن اعتزلا حلقة درس الإمام الصادق فاعتزلا فعين أبا حنيفة إماما ومرجعا دينيا في بغداد والكوفة وعين مالك في المدينة. وهذا، كما كتب محمد الموسوي الشيرازي، سبب لماذا كانت الاجتهادات والآراء الشخصية مقابل النصوص القرآنية وسنة النبي صلى الله عليه وسلم فظهر القياس على يد أبي حنيفة.

ذهب محمد الموسوي الشيرازي إلى أن الفتاوى الفقهية للأئمة الأربعة مئتمرة بخواطر السلطان. كتب محمد الموسوي الشيرازي أن أغلب الناس عبيد الدينار والدرهم فمالوا مع أبي حنيفة ومالك  طمعا وطلبا في المال وخوفا من سطوة السلطان. ثم جاء من بغداد محمد بن إدريس الشافعي، طالب مالك بن أنس، وأحمد بن حنبل واخترعا مذهبا جديدا. وأضاف محمد الموسوي الشيرازي أن أبا حنيفة وأتباعه، أصحاب الرأي والقياس، كلما عجزوا عن فهم الآيات والروايات أفتوا بآرائهم وأما محمد بن إدريس الشافعي ومالك وأحمد فإنهم عرفوا بأصحاب الحديث، إلا أن هؤلاء الأئمة الأربعة كان منحاهم الفقهي والعقائدي خلاف منحى الإمام الصادق من أجل خواطر السلطان. هكذا قول محمد الموسوي الشيرازي ورأيه.

أنا بإعتباري ناقد الكتاب، لاأنتقد إلا صفحتين من الكتاب (13-14ص). إنما أريد أن أكتب مقالة بسيطة في وقت فراغي. سأقول بتحقيق أن ما كتبه محمد الموسوي الشيرازي فتنة للأئمة الأربعة. أولا، اتهم محمد الموسوي الشيرازي الأئمة الأربعة بأنهم مؤتمرون بإرضاء خواطر السلطان ولكنه لم يأت أية المراجع التي تتعلق باتهامه في الكتاب (13- 14ص) حيث أعتقد أن قوله ليس قولا علميا. ثانيا، إنى لاأثيق كثيرا بما قاله محمد الموسوي الشيرازي بأن أحمد بن حنبل هو تلميذ أنس بن مالك لأني قد فتشت وبحثت عن بعض المراجع مثل “وفاية الأعيان وأنباء أبناء الزمان” لابن خلكان ولكنني لم أجد أن أحمد بن حنبل تلميذ أنس بن مالك.

أنا لاأتفق بما قاله محمد الموسوي الشيرازي. لقد قرأت في بعض الكتب المعتبرة أن لأبي حنيفة ومالك وأحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل نزاهة علمية قوية حيث لايمكنون أن يقوموا بإرضاء خواطر السلطان في فتاويهم الدينية. سأعطىكم الحجج الوثيقة والمتينة. كتب ابن خلكان في كتابه “وفاية الأعيان وأنباء أبناء الزمان” المجلد الرابع “وذكر ابن الجوزي  في شذور العقود في سنة سبع وأربعين ومائة: فيها ضرب مالك بن أنس سبعين سوطا لأجل فتوى لم توافق غرض السلطان.” في “وفاية الأعيان وأنباء أبناء الزمان” المجلد الأول كتب ابن خلكان “ولما دعي الامام أحمد إلى القول بخلق القرآن، قال: أنا رجل علمت علما ولم أعلم فيه بهذا، فأحضر له الفقهاء والقضاة فناظروه، فلم يجب، فضرب وحبس وهو مصر على الامتناع، وكان ضربه في العشر الأخير من شهر رمضان، سنة 220 هـ.” كتب الذهبي في سير أعلام النبلاء المجلد السادس “وعن مغيث بن بديل قال : دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع ، فقال : أترغب عما نحن فيه ؟ فقال : لا أصلح . قال : كذبت . قال : فقد حكم أمير المؤمنين علي أني لا أصلح ، فإن كنت كاذبا فلا أصلح ، وإن كنت صادقا فقد أخبرتكم أني لا أصلح ، فحبسه.”

بناء على ما تقدم، نستطيع أن نعرف بأن للأئمة الأربعة نزاهة علمية قوية حيث لا يخافون من سطوة السلطان ولا يؤتمرون بما من أغراض السلطان وشهواته. وإنما قول محمد الموسوي الشيرازي عن الأئمة الأربعة قول باطل وفاسد لامرجع له. والله أعلم.